اقتباسات من رواية في قلبي أنثى عبرية – د خولة حمدي

يا رب اعلم أن هذا امتحانك لصبري وثباتي لكنني أسألك ألا تطفئ كل الشموع في وجهي يا الله اترك لي بصيص أمل أعيش به باقي أيامي فإنني قد وهنت

رفعت رأسها ببطء في اتجاهه، فالتقت بعينين ثاقبتين تحدقان فيها بثقة وتمعن. خفضت عينيها بسرعة وقد سرت في جسدها رجفة غريبة. قليل الأدب! تمتمت في سرها في استياء. كم هو هادئ وواثق من نفسه. وفوق هذا يتأملها بوقاحة دون أن يراعي وجود والده ووالدها معهما في الغرفة! كانت تجهل كل شيء عن الرؤية الشرعية لدى المسلمين

وحين كانت شقيقته سماح تلح عليه حتى يصف لها زوجة أحلامه، كان يقول في شيء من المداعبة: هي امرأة بقلب رجل، لديها من القوة والحزم ورباطة الجأش بقدر الرقة والحنان والنعومة. تحمل هم الإسلام والأمة في قلبها أكثر من الموضة ونوع السيارة والمنزل ذي الحديقة والمسبح. لا يهمها الآخرون وماذا يقولون

أخاف إن نحن ذقنا حياة الاستقرار والفراغ. أن نفقد هدفنا ونصبح أشخاصا عاديين. أن نستسلم لنمط الحياة السهلة لم يكن لي هدف في الحياة غير المقاومة. فهل يمكنني.. هل يمكننا أن نشد الرحال باتجاه أهداف أخرى؟ هذه الفكرة تخيفني. لست أدري إن كنت سأقدر على مواجهة حياة عادية. لا أتعرف إلى نفسي إلا من خلال المقاومة. لقد خلقت لأنجز هذه المهمة… وأقضي نحبي وأنا أفعل ذلك

أعلمُ أني لن أكونَ قويةً على امتدادِ الطريق. لذلكَ أريدكَ أن تأخذَ بيدي وتردني إلى الصواب.أرجوك،كُن معي لنمضي معاً إلى آخرِ المشوار

انتظرت بفارغ الصبر أن يسمح لها بعبور الحواجز أن تصبح حياته شفافة أمام عينيها

هل تعلمين أن الناس لا يعرفون عنا سوى نهاياتنا ؟عندما نموت ,نصبح رمزًا للجهاد والمقاومة. والرمز لا حياة شخصية لديه ولا احتياجات, لديه هدف فقط , من أجله يعيش ومن أجله يموت, بهذا المعنى نكون مخلوقات ظل تهفوا إلى النور نكون قد عبرنا إلى منطقة النور حين نستشهد. كينونتنا منذ زمن هي كينونة هذا “الرمز” كل نفس يتردد في صدورنا هو في سبيل الله فكيف نعود إلى حياة البشر الفانين؟ نحيا لنأكل ونقرأ ونتفسح وننام .. لنعيد الكرة في اليوم التالي “التكرار” تلك الكلمة المقيتة. أليس التكرار هو طابع جهنم؟ جسد يحترق ثم يُكسَى لحمًا ليحترق مرة أخرى كأن شيئًا لم يكن؟

بالنسبة إلى أمها، يُعتبر الانتحار حلا سهلا، يبعد كل البعد عن مفهوم الشجاعة. بالإضافة إلى كونه مضادا للطبيعة البشرية، لأنّه يتناقض مع مشاعر الرغبة وغريزة البقاء البشرية. ومن يتحدّون قدرهم بوضع حد لحياتهم ليسوا شجعانا كما يعتقد الجميع. لذلك فقد اختارت طريق الصراع المستميت لتغيير القدر

انحبست أنفاسها وهي تتفرس في ملامحه ابتسامة هادئة ابتسامة لمحتها لمرة واحدة وظلت محفورة في ذاكرتها وتزورها في أحلام اليقظة والمنام

شهدت حياته تحولا منذ سنتين، بعد مجزرة قانا. أدرك حينها أنه لا يقدر على تحمل يوم إضافي من الخنوع غير المبرر لعدو لا يعرف للجشع حدودا. تغيرت أولوياته بين يوم وليلة. صار الجهاد المحور الذي تدور في فلكه أفكاره وأفعاله. ابتعد عن أصدقائه القدامى ورسم قواعد لصداقاته الجديدة. بعد وهلة قصيرة، لم يعد لديه أصدقاء غير إخوته في المقاومة. استعاض عن الصداقة بالأخوة في الله

إني أختنق. أموت في اليوم مائة مرة. أريد أن أتنفس… أريد أن أخرج من السجن الذي أنا فيه. لم أعد أستطيع التحمل. بقيت خطوة واحدة

من أين جاءتها كل تلك القوة لترد عليه بصفاقة ولامبالاة؟ ألم تكن تدرك عواقب تصرفها المتسرع؟ هل همها الدفاع عن دينها أكثر مما اهتمت بقوتها وقوت عائلتها؟ أمر محير.. أمر محير بالفعل

“-آنستي… أنت يهودية، أليس كذلك؟

-إذن.. لماذا تساعديننا؟

رفعت عينيها في انزعاج وهتفت:

-وما شأن ديانتي بالعمل الإنساني؟ ألا يحثّك دينك على الرحمة والرأفة وتقديم يد المساعدة إلى من يحتاجها، مهما كان انتماؤه وعقيدته؟ أليست تلك رسالة جميع الأديان السماوية؟”

أنا اليوم مسلمة، ومسؤولة عن صورة الإسلام في عيون غير معتنقيه. أنا اليوم مسؤولة مثل غيري من المسلمين، عن الاتهامات بالإرهاب والتخلف والفوضى والفساد… أنا مسؤولة عن حسن تطبيقي لتعاليم الإسلام في حياتي اليومية. عن إنشاء بيت مسلم، وتربية أطفال مسلمين يفهمون دينهم، ويتخذونه منهاجاً ومسارا لحياتهم. أتدري كم هي عظيمة هذه المسؤولية؟

فض الرسالة والتهم سطورها القليلة في لهفة أصبحت تلك عادتها قليلة الكلام، متحفظة في عواطفها، مقتضبة في فضفضتها. يذكر ظهور بوادر العزلة لديها. لم تكن كذلك من قبل، على الأقل معه هو. لكن منذ أخذت أفكارها المتطرفة تعشش في رأسها، لم يعد له سلطة عليها.. ولا مكانة لديها. لكن لا… هذه رسائلها وكلماتها تقر بالعكس. هاهي “أحبك بابا يعقوب” التي تختم بها كل خطاباتها تداعب قلبه وتنفض عنه الصدأ الذي علاه منذ سفرها. تلألأت العبرات في عينيه وهو يعيد قراءة الرسالة من جديد. يريد أن يحفظها عن ظهر قلب كما حفظ سابقاتها

لم تكن تدري إلى أين تقصد وأي مسارٍ تسلك فكل الشوارع وجهتها وكل الوجوهِ ضالتها. لكن البلدة كانت شبه خاليةٍ من البشر. أو ربما هيئ لها ذلك من الوحشة التي تشعر بها

لم يكن يُصغي إلى الكلمات التي تنطق بها، لكن ترتيلها كان ذا لحن شجيّ لامس جدار قلبه القاسي.

مثل كل اليهود، لم يكن جاكوب يؤمن بالحياة بعد الموت

“لماذا يهاجمنا القرآن؟

نحن لا نهاجم، والقرآن لا يهاجمكم . هل سمعت بأحد يهان من اليهود في القرون السابقة؟ تغذت العنصرية ضد اليهود من أسباب مختلفة، ولم يكن القرآن سببا فيها. هل هتلر يقرأ القرآن ليكره اليهود والسود والعرب وكل من ليسوا جنسا آريا؟ هل نحن من فرضنا على اليهود الخروج من بيت المقدس منذ مئات السنين ، وهل أخرجناكم عندما عشتم في أراضينا معنا؟ .. تغذت النقمة على اليهود من حركات اجتماعية وواقع سياسي محدد.. ولكن عداءنا للصهاينة قائم لا جدال فيه ، لأنهم يصرون على اتباع منهج اليهود القدامى الذي يدينه القرآن بوضوح

سارت على مهل عبر الأزقة والشوارع . لم يتبق الكثير من آثار الكارثة الطبيعية والعسكرية التي ألمت بالمدينة الشهر الماضي . ابتلعت الأرض الماء والدماء وعادت الحياة إلى وتيرتها السابقة عادت ضحكات الأطفال لترن في ثنايا الطرقات عادت أصوات الباعة تعلو في السوق الحي بشتى أسماء المعروضات

 طلبت مني أن أقرأ القرآن كل يوم كنت تعلم أنه السلاح الأقوى .. كنت تعلم أنه لا سبيل إلى البشر أن تقاوم سحر القرآن وتأثيره … كنت تعلم أنني لن أحتاج إلى معلم آخر مع القرآن 

ألا يحق لقلبي الصغير أن يحلم معك دون إن يستيقظ على صوت خطواتك ترحل ؟ .. عدني عندما تأتي أن تمسك يدي جيداً وتصرخ في وجه الغياب كي يرحل عنا  

سأكون انا عائلتك التي تذكرك .. وإن مُحيتِ من ذاكرة العالم بأسره 

 أعلم أنى لن أكون قوية على امتداد الرحلة قد أتعب وقد أحيد قليلا عن الطريق لذلك اريدك أن تأخذ بيدى وتردّنى إلى الصواب أرجوك. كن معى لنمضى معا إلى آخر المشوار

  أومن بأنه ليس هناك عرق شرير بالفطرة او المطلق

المرأة المسلمة لا تغطي رأسها وجسدها لأنها عورة ولأنها تخجل من جسدها.. بل لأنها تريد الحفاظ على نفسها تريد أن تحمي جمالها وزينتها فلا يراها منها إلا زوجها ومحاومها  

 لو كان يعلم ان الموت يترصدها هناك ، لما كان ابعد عينيه عنها للحظه ، كان ليحرسها ويرعاها ويحميها من كل ما يخيفها 

كانت فد فقدت الكثير ، فقدت الرغبة في المواصلة. وفقدت قدراً من وزنها. صارت تفكر كثيراً وتسرح كثيراً. توقفت عن القراءة والبحث واستسلمت للهواجس